رسائل إلى أمي …
بحر الوعي
بقلم : د.أنور القبالي
أتعلمين يا أمي أن فريقاً من الفلاسفة يقضون جلَّ حياتهم يبحثون عن الحكمة وعند اعتقادهم أنهم قد وجدوا ضالتهم ، لا يلبثون إلا قليلاً حتى يغرقوا في بحر الوعي ، فلا نجد من آثارهم إلا بعض الروايات والكتب التي قد لا يفهمها إلا الفلاسفة أمثالهم .
فيلسوف يعتقد أنه عرف حقيقة الحياة ، فيختار أن يعتزل الناس و يعيش في قبوه ليكتب آلاف الأوراق لتنشر بعد موته !
وآخرُ يختار الجلوس في برجه العاجي يزخرف القول غروراً وما اتبع إلا الظن لُيُضل عن سبيل الحق ،
فهناك فرق كبير مابين التفلسف للوصول إلى إجابات ، وما بين وضع إجابات مسبقة توافق الهوى والرغبات ومن ثم التفلسف لإثباتها طوعاً أو كرهاً.
هل وصلوا فعلاً للحكمة ؟
هل هم حقاً عُظماء ؟ ما هي إلَّا أسماء ...
وآخرون من البشر؛ رسلٌ وأنبياء - عليهم السلام - ، يتحملون عبء نقل ماء بحر الوعي بأيديهم لينثروا الحكمة على كل من هو متعطش لمعرفة الحق ، ماءٌ يروي عطش المعرفة للعامة والعلماء ولا سيما الفلاسفة .
نبيٌّ عرف الحق فهجر عزلته في الغار ليخالط الناس متحملاً أذاهم ، صابراً على جهل عامتهم وتكبر فلاسفتهم وعلمائهم ، ليخرجهم برسالته من الظلمات الى النور ، وينقذ كل من كان قاب قوسين أو أدنى من الغرق في بحر الجهل .
هذه هي الحكمة الحقيقية وما عداها مجرد أوهام ،
فرق شاسع يا أمي ما بين مُغرِق و مُنقِذ ...
عليك الصلاة والسلام يا رسول الله ،
ورحِمك الله وغفر لك يا أمي
الى اللقاء في رسالة أُخرى
ابنك الصغير المُحب
نور