مواقف مُخْجِلة ...


لا شك أن العديد منَّا وإن لم يكن جميعنا، قد تعرَّض إلى موقف مُحرِج جعله يشعر بالخجل ! 
و تتفاوت ردود أفعالنا تجاه هذا الموقف 
بحسب شدَّتِه ....
فمَّنا من تحمَّر وجنتيه ويتلعثم في الحديث ... وآخر يهرب  من ذلك المكان الذي تعرَّض فيه للموقف المُحرِج ،  الى مكان آخر ليتوارى عن أنظار الناس ... والبعض لا يتمالك نفسه فينفجر بالبكاء خجلاً من ذلك الموِقف ...
وأخرون يبادرون بالإعتذار لمن حولهم  عمَّا بَدَر مِنهُم ، ويشكروهم على سِعة صدرهم ... يلتمسون منهم الدعم والمساندة لإخراجِهم مما وقع بهم من حَرَج ...
وقد تعرّضت شخصياً للعديد من المواقف المُحرجة ... واستطعت بطريقة أو بأخرى أن أتملص منها ...
ولكن الموقف المُحرِج الوحيد ...
الذي وقفت أمامه حائراً ، خَجِلاً و باكياً ...
 ولم أستطِع بشتى الطُرُق أن أتملص منه ، عندما قرأت قوله تعالى : 
مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)
"سورة البقرة "
سبحانك ربي ما أعظمك وما أرحمك وأكرمك  ! 
خلقتني ورزقتني ، كيف لي أنا عبدك الضعيف ، أن أُُقرِضكَ يا عظيم !!! 

يالضعفنا وقلّة حيلتنا ويالرحمتك وكرمك ... ! 
كيف لي أن أُقرِض مالك خزائن السموات والأرض ، خالق كل شيء ...

كيف أُقرِض من لا يزيد قرضي له في ملكه شيئًا ... ولا يُنقِصُ عطاؤُه لي من ملكه شيئاً !!! 
سبحانك ربي ، تّعجَزُ كلماتي عن وصف عظمتك و رحمتك بعبادِك !!! 
قال تعالى  : 
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ    (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ    (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
"سورة الصف "

الصدقة ... ليست مِنَّةً ممَّن أنعم الله عليهم على من قُدِر عليهم رِزقُهم ...
إنما هي ((((فُرصةٌ ذهبية)))) و تجارة رابحةٌ في الدنيا والآخرة... 

قال تعالى :
وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) .
"سورة المنافقون "


من فارق الحياة الدنيا ورأى عظيم جزاء المؤمنين على شتى  طاعاتِهم لله عزَّ وجل ، 
يطلب من الله أن يُرجِعهُ للحياة الدنيا كي ((( يتصدَّق ))) ويكن من الصالحين 
فما اختار هذه الطاعة بالتحديد إلا لعظيم أجرها ، أجرٌ ما رأته عينٌ ولا خَطَرَ على قلب بشر ، وكيف لا وهو تجارة رابحةٌ مع ملك الملوك ....
كيف لا وهو إستثمارٌ يُدِّرُ عليك رِبحَاً وأنت في قَبرِك !!! 
ففي الحديث الصحيح ؛
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)  رواه مسلم

تصدَّق و أبشِر بتحارةٍ لن تبور .... فما نَقَصَ مالٌ من صدقة ...